مع تصاعد التوترات الإقليمية وتراجع الثقة في الحلول الدبلوماسية المتعثرة، اختارت الأمم المتحدة الحفاظ على وجودها الرمزي والميداني في الصحراء المغربية من خلال آلية التمويل، بدلاً من الدبلوماسية. الوثيقة الجديدة التي قدمها الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، حول بعثة “المينورسو”، تعكس استمرار المنظمة الدولية في معالجة الوضع في المنطقة كواقع ميداني مستقر، رغم غياب أي حل سياسي. هذا الأمر يعزز من حالة “اللا حل” بميزانيات متزايدة، مع فعالية ميدانية محدودة نتيجة القيود المفروضة على البعثة.
في الوقت الذي يحقق فيه المغرب إنجازات تنموية واستثمارية في أقاليمه الجنوبية، لم يسجل أي تقدم ملحوظ في المسارات السياسية، حيث يستمر تمويل بعثة تركز على الرقابة الميدانية، مما يرسخ استقرارًا نسبيًا دون إحراز تقدم نحو الحل، ويزيد من تكلفة إدارة النزاع على المجتمع الدولي.
تمويل متزايد في ظل جمود ميداني
وقد اقترح الأمين العام زيادة الميزانية السنوية للبعثة إلى 71.8 مليون دولار أمريكي للسنة المالية الممتدة من 1 يوليو 2025 إلى 30 يونيو 2026، مما يمثل زيادة بنسبة 4.4% مقارنة بالسنة السابقة. وتأتي هذه الزيادة ضمن سياق ميداني دقيق يعاني من عراقيل تمنع البعثة من التحرك بحرية East of الجدار الأمني.
تقرير الأمم المتحدة، الذي يحمل الرقم المرجعي A/79/736، يشير إلى أن “المينورسو” تواجه صعوبات في تنفيذ ولايتها بسبب القيود على حركتها، مما يطرح تساؤلات حول فعالية البعثة وجدوى الاستمرار في ضخ التمويل.
استقرار مكلف وعدم القدرة على التسوية
من بين النقاط الملحوظة في مشروع الميزانية الجديدة هو زيادة مخصصات أنشطة إزالة الألغام، حيث تسعى دائرة الأعمال المتعلقة بالألغام بزيادة مساحات الأمان لفرق المراقبة الأممية، في وقت تحاول فيه الأمم المتحدة تقليص عدد المروحيات المستخدمة من ثلاث إلى اثنتين، مما يعكس تحديًا في موازنة الكفاءة والميزانية.
المراقبة مقابل الحلول السياسية
توزيع الموارد البشرية ضمن بعثة “المينورسو” يشير إلى أن غالبية أعضاء البعثة تتكون من طابع مدني وإداري، يركز على المرحلة الحالية للمراقبة والإشراف دون أي خطوات سياسية مباشرة. ومع ارتفاع تدريجي في ميزانيات البعثة خلال السنوات الماضية، لا يبدو أن هناك أي تقدم حقيقي نحو حل النزاع القائم.
المغرب يقود بالتنمية و”المينورسو” تراقب
يستمر المغرب في تعزيز سيادته الوطنية على أقاليمه الجنوبية والعمل مع “المينورسو”، مع التأكيد على الالتزام بمواصلة جهود الأمم المتحدة، بشرط أن تظل البعثة ضمن ولايتها التقنية. وفي مشهد يبدو فيه استئناف العملية السياسية بعيدًا، تبقى تساؤلات حول المستقبل الحقيقي لـ”المينورسو”، التي تحولت من آلية مراقبة مؤقتة إلى هيكل يدير الوضع القائم، مما قد يجعل دورها مقتصرًا على تعزيز الاستقرار بدلًا من دفع الحلول الفعّالة