الإعلام الافريقي
بقلم: عيدني محمد
تعيش جهة فاس-مـكناس، كغيرها من المناطق المغربية، حالة من التخبط والضبابية في التعامل مع قضايا التنمية والخدمات الأساسية. فمن المسؤول عن التردي الحاد في وضعية المرافق الحيوية التي تعتبر حقاً من حقوق الإنسان، ومن يتحمل تبعات تدهور الأوضاع التي أصبحت تؤرق كل فرد من أبناء هذه الجهة؟
في زمن تتسابق فيه الدول نحو تطور والبناء على أسس متينة من التقدم الاقتصادي والاجتماعي، نجد أن المواطن المغربي، وبالأخص في جهة فاس، أصبح يعيش في حالة من التهميش، حيث تتعالى أصوات الأسر تتعلق بمشاكل جدلية وجوهرية، من بينها الهدر المدرسي والمياه والصحة، وتلك التي باتت تتكرر بشكل يوحي بأن الحلول مؤجلة أو غير موجودة أصلاً.
الهدر المدرسي، تلك الظاهرة التي تتفاقم يوماً بعد يوم، لا تقتصر على فقدان الأمل في مواصلة التعليم، بل تتسبب في تضييع مستقبل شبابنا، وتركهم عرضة للأمية والبطالة، ما يعمق من مشكلة الفقر والتهميش. وإذا ما أضفنا إليها مشاكل المياه، التي أصبحت مهددة بشكل كبير، خاصة مع استمرار التدهور في الموارد المائية، فإن الوضع يفتح شهية التساؤل عن مدى جدية التدخلات من قبل الجهات المعنية.
أما عن القطاع الصحي، فحدث ولا حرج، فهل يعقل أن يعيش المواطن في زمن التكنولوجيا الحديثة وأحدث التطورات الطبية، ويجد نفسه أمام مستشفيات تفتقر لأبسط شروط العلاج، وأن يتم حرمانه من حقه في الحصول على العلاج في ظروف كريمة وآمنة؟ المناشدات مستمرة منذ سنوات، لكن الوعود غالبًا ما تظل حبرا على ورق، وأصوات المرضى تتلاشى وسط صمت لا يليق بمسؤولين يدعون رعايتهم واهتمامهم بالمواطنين.
وفي زمن يتكلم فيه الكثيرون عن التنمية والتغيير، تبدو العديد من الخطب والتصاور والوبوزات، وكأنها آلة غائية لا تقدم ولا تؤخر، حيث تضل الطرق أمام المواطنين مسدودة، ويظل الأمل يتضاءل في وجود إرادة فعلية لتغيير الأحوال. إن الشعارات المعلنة والإعلانات الترويجية لا تنقص من حجم التحديات، خاصة وأن الكثير من الإشهارات تظل مجرد أدوات لإلهاء الرأي العام، دون أن يتحقق منها شيء على أرض الواقع.
حان الوقت يا سادة، لإعادة النظر في السياسات المعتمدة، وإعطاء الأولوية لمشاكل المواطنين الحقيقية، التي تتطلب تدخلاً عاجلاً وجاداً، بدل تداول الخطابات والوعود المستهلكة. شعبنا يانتظر الحلول، لا التصريحات، ويأمل أن تتوج جهود المسؤولين بمبادرات فعلية تلمس واقعهم وتعزز من كرامتهم الإنسانية.
وفي النهاية، يبقى السؤال معلقًا في الأفق: هل ستتخذ الجهات المختصة قرارًا جريئًا لوقف النزيف متعدد الأوجه، أم سنظل نكتفي بالتصريحات والإشهارات، بينما يواصل المواطن معاناته اليومية.