أكد الرئيس السوري أحمد الشرع، السبت، التزام الدولة بـ”حماية الأقليات” ومحاسبة جميع “المنتهكين من أي طرف كان”، وذلك في أعقاب أعمال عنف شهدتها محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية، وأسفرت عن أكثر من 700 قتيل، خلال أسبوع.
وقال الشرع، في كلمة وجهها إلى السوريين: “تلتزم الدولة السورية بحماية الأقليات والطوائف كافة في البلاد، وهي ماضية في محاسبة جميع المنتهكين من أي طرف كان”.
وأضاف: “لن يفلت أي شخص من المحاسبة، ونتبرأ من جميع الجرائم والتجاوزات التي جرت… ونؤكد أهمية تحقيق العدالة وفرض القانون على الجميع”.
وجاءت تصريحات الشرع بعد إعلان الرئاسة السورية وقفًا “فوريًا” لإطلاق النار، بالتزامن مع بدء انتشار قوات الأمن في محافظة السويداء لـ”وقف الفوضى”.
وكانت واشنطن قد أعلنت، قبل ساعات، عن اتفاق بين سوريا وإسرائيل على وقف لإطلاق النار، في أعقاب غارات شنتها طائرات إسرائيلية استهدفت مقرات حكومية وقوات نظامية في دمشق والسويداء، إضافة إلى دعوة المبعوث الأمريكي إلى دمشق، توم براك، “الدروز والبدو والسنّة إلى إلقاء سلاحهم”.
وأشاد الشرع، في كلمته التي بثها التلفزيون الرسمي، بـ”الدور الكبير الذي قامت به الولايات المتحدة الأمريكية في تأكيدها الوقوف إلى جانب سوريا في هذه الظروف الصعبة وحرصها على استقرار البلاد”، مثمنًا جهود دول عربية، وتركيا، وأطراف داعمة أخرى.
واعتبر الشرع أن الضربات الإسرائيلية، التي وقعت في خضم الاشتباكات بين مسلحين دروز وآخرين من عشائر البدو، دفعت سوريا إلى “مرحلة خطيرة تهدد استقرارها، نتيجة القصف السافر للجنوب ولمؤسسات الحكومة في دمشق”.
واندلعت الاشتباكات، الأحد الماضي، في محافظة السويداء بين مسلحين دروز وآخرين من البدو السنّة، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان. ومع تصاعد المواجهات، أعلنت القوات الحكومية، الإثنين، تدخلها في المحافظة لفضّ الاشتباكات، لكن بحسب المرصد وشهود وفصائل درزية، فقد تدخلت هذه القوات إلى جانب البدو.
وتخلل التصعيد العسكري إعدامات ميدانية طالت عشرات المدنيين في السويداء، وانتهاكات متعددة ونهب ممتلكات، بحسب المرصد وشهادات سكان ومقاطع فيديو وثّقها الجناة أنفسهم.
إثر ذلك، شنت إسرائيل ضربات جوية قرب مقار حكومية في دمشق وعلى أهداف “عسكرية” في السويداء، مطالبة الرئيس السوري بسحب قواته من المحافظة، التي تُعد معقلًا للطائفة الدرزية التي تعهدت إسرائيل مرارًا بحمايتها.
وتحت ضغط أمريكي وإسرائيلي، سحب الشرع قواته من السويداء، يوم الخميس، قبل أن تبدأ العشائر السنية بحشد مقاتليها المحسوبين على السلطة إلى جانب البدو، ما أدى إلى تجدّد الاشتباكات.
وانتقد الشرع، في كلمته، “المصالح الضيقة لبعض الأفراد في السويداء”، معتبرًا أن “الاستقواء بالخارج، واستخدام بعض الأطراف الداخلية للسويداء كأداة في صراعات دولية، لا يصب في مصلحة السوريين، بل يفاقم الأزمة ويهدد وحدة البلاد”.
كما وجّه انتقادًا لتصرفات “بعض المجموعات” من العشائر التي “حاولت الدفاع عن نفسها بشكل منفرد”، مشددًا على أن “هذه التصرفات لا يمكن أن تكون بديلًا عن دور الدولة، القادرة وحدها على الحفاظ على هيبتها وسيادتها في كل بقعة من الأراضي السورية”.
ودعا الشرع جميع السوريين إلى “وحدة الصف والتعاون الكامل من أجل تجاوز ما نمر به جميعًا، والحفاظ على بلدنا وأرضنا من التدخلات الخارجية أو الفتن الداخلية”.
وتقوّض أعمال العنف الأخيرة جهود الشرع في بسط سلطته على كامل الأراضي السورية، بعد أكثر من سبعة أشهر على إطاحته بالحكم السابق، وتطرح مجددًا تساؤلات حول قدرته على التعامل مع ملف الأقليات، في ظل تفجّر أعمال عنف ذات طابع طائفي طالت عدة مكونات في البلاد.