تسيطر اليوم في شمال إفريقيا حالة عامة من الانعقاد على نهاية دورة دبلوماسية، إذ يبدو أن أزمة الصحراء المغربية، التي شلت منطقة المغرب العربي لعقود خمسة، تقترب من نهايتها. ففي حين كان اللقاء السنوي للأمم المتحدة في أكتوبر الماضي، طويلاً، مجرد تمرين لتجديد الوضع القائم (المصادقة على قرار مجلس الأمن رقم 2703 بتاريخ 30 أكتوبر 2024 الذي مدّد ولاية بعثة “المينورسو” لمدة عام إضافي)، أي إلى غاية 31 أكتوبر 2025. يُتوقع أن يتحول هذه المرة إلى لحظة فاصلة وسريعة التطور، فالمنظمة الدولية في نيويورك على وشك اعتماد خيار الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب كحل وحيد لهذا النزاع الإقليمي.
الدلالات الدولية لتوجه جديد
من أبرز المؤشرات على هذا التحول التاريخي الموقف الأمريكي. ففي الأشهر الأخيرة، كررت واشنطن دعمها لسيادة المغرب على صحرائه، مع إرسال رسائل واضحة للأمم المتحدة تؤكد هذا الموقف. إلى جانب ذلك، لعبت الدبلوماسية المغربية دوراً محورياً في إقناع كبرى الدول الأوروبية والأعضاء الدائمين في مجلس الأمن بخيار الحكم الذاتي؛ إذ يشكل موقف كل من فرنسا والمملكة المتحدة دعماً حاسماً في هذا الصدد.
ولا يُستهان بالجهود المبذولة لدى بقية الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، الصين وروسيا، حيث أن السيناريو الأكثر تشاؤماً في هذه المرحلة قد يكون امتناعهم عن التصويت، وهو ما لا يمنع تبني قرار يزكي خيار الحكم الذاتي كحل واقعي لنزاع الصحراء.
صدمة النظام الجزائري
في مواجهة التطورات المتوقعة خلال أكتوبر، يبدو أن النظام الجزائري في حالة صدمة، فهو يدرك أن ورقة الانفصال التي رفعها لعقود طويلة لمحاولة إضعاف المغرب وعرقلة تقدمه، ستفقد قيمتها أمام الأمم المتحدة هذا الشهر، على أعتاب الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء في السادس من نونبر.
كما يعزز القرار الأخير للاتحاد الأوروبي بعدم التمييز بين منتجات شمال وجنوب المغرب من الانطباع القوي بانتصار دبلوماسي للمغرب، مما يقوي فرص إغلاق هذا الملف نهائياً.
يتوفر أمام الجزائر خياران رئيسيان:
التكيف مع المعطيات الدولية الجديدة: أي قبول سيادة المغرب على صحرائه والتعاون مع آليات الأمم المتحدة لتطبيق خطة الحكم الذاتي. هذا الخيار يتطلب حل مشكلتين رئيسيتين:
نزع سلاح الميليشيات الأكثر تطرفاً في البوليساريو، وإدارة مخيمات اللاجئين في “تندوف”، والتي يضم بعضها أشخاصاً ليسوا من أصل صحراوي، ما أدى إلى تضخيم أرقام اللاجئين بشكل غير حقيقي.
الإصرار على موقف الانفصال: وهو ما يُعرف بـ “استمرار نشاط الانفصال”، مما يعرض الجزائر لضغوط دولية كبيرة وخطر تصنيفها كدولة مارقة، راعية لعدم الاستقرار، ومشتبه في دعمها لجماعات إرهابية، كما أظهرت الاتهامات الأخيرة من السلطات المالية في الأمم المتحدة حول تورط الجزائر مع بعض التنظيمات الإرهابية.