في إطار مشاركته الرسمية ممثلاً عن جلالة الملك محمد السادس، أجرى السيد ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، مباحثات مكثفة مع كبار المسؤولين في جمهورية السنغال، من بينها لقاء مع الوزير الأول عثمان سونكو، على هامش فعاليات منتدى “استثمر في السنغال” الذي يُعقد في العاصمة دكار.
تأتي المشاركة المغربية بتوجيهٍ سامٍ من الملك محمد السادس، لتعكس النهج الذي تتبناه الرباط لإعطاء دفعة جديدة لعلاقات التعاون جنوب–جنوب مع بلدان القارة.
في هذا المنتدى السنغالي الاستثماري، حرصت الرباط على التمثيل بوفد اقتصادي رفيع المستوى ضمّ ممثلين عن الاتحاد العام لمقاولات المغرب وعناصر فاعلة من القطاع البنكي، والطاقة، والماء، والصناعات الطبية والصيدلانية.
منتدى “إنفست إن سنغال/ استثمر في السنغال” يُعدّ من أبرز التظاهرات الاقتصادية القارية، حيث تقدم الحكومة السنغالية فرص الاستثمار مباشرة إلى المستثمرين العالميين في محاولة لجذب رؤوس الأموال إلى مشاريع هيكلية تنموية.
المباحثات وأهم مداخلها
خلال اللقاء مع الوزير الأول السنغالي “عثمان سونكو”، تمّ تباحث عدد من المحاور المحورية التي تستهدف دفع العلاقات المغربية–السنغالية إلى آفاق أوسع:
تعزيز الاستثمارات الثنائية: اتفق الجانبان على ضرورة تشجيع الفاعلين الاقتصاديين في كلا البلدين على إقامة شراكات استثمارية مشتركة، خصوصًا في القطاعات الاستراتيجية كالبنية التحتية، الطاقة، المياه، والصناعة.
التنسيق السياسي والدبلوماسي: أكَّد الجانبان أهمية استمرار التشاور والتنسيق في القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، بما يعزّز الموقف المشترك في المنابر الدولية.
التحضير لزيارات وملتقيات قادمة: تم التطرق إلى أجندة الأنشطة الثنائية المقبلة، سواء من حيث الزيارات الرسمية أو تنظيم لجان مشتركة، أو تأسيس أدوات للتعاون الاقتصادي والدبلوماسي في المستقبل القريب.
أهمية العلاقات المغربية-السنغالية
العلاقات بين المغرب والسنغال ليست وليدة اللحظة، بل تمتد لعقود من التعاون السياسي والاقتصادي والثقافي. وقد شهد حجم التبادل التجاري بين البلدين نموًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، إذ ارتفع من حوالي 98.5 مليون دولار أمريكي في سنة 2010 إلى ما يقارب 370 مليون دولار بحلول عام 2024، مما يُظهر دينامية متصاعدة في الروابط الاقتصادية بين البلدين.
من جهة أخرى، سبق للبلدين أن وقّعا اتفاقيات تعاون في مجال النقل والسكك الحديدية، عبر شراكات بين المكتب الوطني للسكك المغربية (ONCF) والمؤسسات المعنية في السنغال.
إضافة إلى ذلك، المغرب يطرح مبادرات في مجالات الماء والصرف الصحي، عبر خطة عمل ثنائية ممتدة إلى 2027، تضم الاهتمام بالطاقة المتجددة وتحلية المياه، لتلبية الضغوط البيئية والتنموية في المنطقة.
توقعات المضي قدماً نحو خطوات عملية
من المتوقع أن تُترجَم نتائج هذه المباحثات إلى تنفيذ سريع لمشاريع واتفاقيات ملموسة خلال الأشهر المقبلة، سواء عبر توقيع مذكرات تفاهم أو إطلاق آليات تنسيق في قطاعات محددة. ومن المحتمل أن تُخصص الزيارات الرسمية واللجان المشتركة لمتابعة هذه المشاريع وإرساء الأطر اللازمة لضمان تنفيذها.
كما قد تشهد العلاقات بين المغرب والسنغال توسعًا في مجالات جديدة مثل الاقتصاد الرقمي، الزراعة، النقل البحري، والتبادل المالي، في إطار الرغبة المشتركة لكلا البلدين في بناء شراكة إفريقية حقيقية مبنية على التكامل والتنمية المشتركة.