تستعد مدينة بولمان لاحتضان النسخة الأولى من مهرجان الزعفران والنباتات الطبية والعطرية خلال الفترة الممتدة من 16 إلى 19 أكتوبر الجاري، تحت شعار “المنتوجات المجالية… رافعة لجيل جديد من التنمية الترابية”.
ويُنظم هذا الحدث من طرف جمعية بولمان للتنمية، تحت إشراف عمالة إقليم بولمان، وبتعاون مع مديرية الشؤون القروية بوزارة الداخلية، والمديرية الإقليمية للفلاحة، ومجلس جهة فاس-مكناس، وكتابة الدولة المكلفة بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، وجماعة بولمان، في إطار مقاربة تشاركية تسعى إلى جعل المنتوجات المجالية رافعة حقيقية للتنمية المحلية وتعزيز الاندماج الاقتصادي والاجتماعي بالمناطق القروية.
ويهدف المهرجان إلى تسليط الضوء على الزعفران باعتباره منتوجًا استراتيجيًا يميز إقليم بولمان، لما يتمتع به من جودة عالية وقيمة اقتصادية متزايدة، إلى جانب النباتات الطبية والعطرية التي تزخر بها المنطقة وتشكل موردًا بيئيًا واقتصاديًا واعدًا.
كما يسعى المنظمون من خلال هذه المبادرة إلى تثمين سلاسل الإنتاج وتشجيع الممارسات الفلاحية المستدامة ودعم الاقتصاد الاجتماعي والتضامني باعتباره مدخلًا أساسيًا لتحقيق التنمية القروية المنشودة.
ويتضمن برنامج المهرجان سلسلة من الأنشطة الاقتصادية والعلمية والثقافية المتنوعة، من أبرزها معرض للمنتوجات المجالية يعرض مختلف أصناف الزعفران والنباتات الطبية والعطرية والمنتجات المحلية الأخرى، بمشاركة تعاونيات نسائية وفلاحين صغار من مختلف مناطق الإقليم والجهة. كما ستنظم ندوات علمية ولقاءات فكرية يؤطرها خبراء وباحثون في مجالات الفلاحة والبيئة والاقتصاد الاجتماعي، لمناقشة سبل تطوير سلاسل الإنتاج وتحسين تنافسية المنتوج المحلي في الأسواق الوطنية والدولية.
وحرصًا على إبراز البعد السياحي والثقافي للمنطقة، يتضمن البرنامج أيضًا جولات ميدانية للتعريف بالمؤهلات الطبيعية والتراثية التي تزخر بها بولمان، إلى جانب أنشطة فنية وفلكلورية تعكس غنى الموروث الثقافي المحلي وتنوعه. كما يولي المهرجان اهتمامًا خاصًا بالنساء السلاليات والتعاونيات النسائية، من خلال تنظيم ورشات تكوينية حول تقنيات الزراعة المستدامة وتسويق المنتوجات وتدبير المشاريع المدرة للدخل، انسجامًا مع السياسات الوطنية الهادفة إلى تمكين المرأة القروية وإدماجها في مسلسل التنمية باعتبارها فاعلًا رئيسيًا في تحقيق الأمن الغذائي والمحافظة على الموارد الطبيعية.
ويُرتقب أن يشكل هذا الحدث خطوة عملية نحو ترسيخ مفهوم التنمية المستدامة عبر تشجيع الابتكار في استغلال الموارد الطبيعية وتبني ممارسات فلاحية صديقة للبيئة تُمكّن من مواجهة التحديات المناخية وضمان استدامة الإنتاج الفلاحي. كما يسعى المنظمون إلى جعله منصة للتلاقي بين الفاعلين المؤسساتيين والمهنيين والباحثين، من أجل تبادل الخبرات وإطلاق مبادرات مبتكرة تسهم في خلق فرص الشغل وتحسين مستوى الدخل لدى الساكنة المحلية.
ويراهن القائمون على المهرجان على أن تكون هذه النسخة الأولى منطلقًا لتحويل بولمان إلى قطب وطني رائد في تثمين المنتوجات المجالية، ومجالًا مفتوحًا للاستثمار في قطاع النباتات الطبية والعطرية والزعفران، لما تمتاز به المنطقة من مؤهلات طبيعية وموارد بشرية واعدة. وأكد المنظمون أن المهرجان ليس مجرد تظاهرة احتفالية، بل انطلاقة فعلية لمسار تنموي جديد يربط بين الموارد الطبيعية والطاقات البشرية، ويجسد التوجهات الوطنية الرامية إلى تعزيز الاقتصاد الاجتماعي والتضامني وجعل المنتوجات المجالية ركيزة أساسية للتنمية المستدامة.
وفي ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية المتسارعة، يُعد مهرجان بولمان للزعفران والنباتات الطبية والعطرية مبادرة رائدة لصون التراث الفلاحي المغربي وتحويله إلى قوة إنتاجية منافسة تساهم في خلق فرص الشغل وتحسين الدخل، وتمكين الساكنة القروية من الارتقاء بأوضاعها المعيشية. وهكذا، يشكل هذا الحدث فضاءً جامعًا بين العرض والتفكير، وبين المعرفة والاحتفاء، ليُعيد رسم صورة بولمان كمنطقة تجمع بين جمال الطبيعة وغنى التراث والطموح التنموي والابتكار المستدام، في سبيل بناء مستقبل أفضل لأجيالها القادمة.
