بقلم: الأستاذ محمد عيدني
يمثل القضاء الإداري في المغرب ركيزة أساسية في صون دولة القانون، إذ يضطلع بمهمة جوهرية تتمثل في حماية حقوق الأفراد من أي تعسف محتمل من قبل الإدارة. فهو يشكل الملجأ الذي يلوذ إليه المواطنون المتضررون من القرارات الإدارية، والآلية التي تتيح لهم الطعن في تلك القرارات التي يرونها مجحفة أو مخالفة للقانون. من خلال هذا الدور، يساهم القضاء الإداري في تقييم مدى مشروعية القرارات الإدارية، ويحكم في المنازعات بين الأفراد والإدارة، ويصدر أحكاماً بإلغاء أو تعديل القرارات المخالفة للقانون، فضلاً عن التعويض عن الأضرار الناجمة عنها.
إلا أن فعالية هذه الرقابة القضائية الإدارية لا تزال تواجه تحديات جمة. فصعوبة الوصول إلى القضاء، بتكاليفه المرتفعة وإجراءاته المعقدة، تشكل عائقاً أمام العديد من المواطنين. بالإضافة إلى ذلك، تتمتع بعض القرارات الإدارية بحصانة نسبية، مما يحد من إمكانية الطعن فيها. كما أن تفعيل القانون رقم 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات يواجه عراقيل، إذ تتردد بعض الإدارات العمومية في الإفصاح عن المعلومات المطلوبة. أما المنازعات المتعلقة بالصفقات العمومية، التي غالباً ما تشوبها مخاطر الفساد والتلاعب، فتتطلب آليات قانونية أكثر فعالية لضمان نزاهتها وشفافيتها.
لتعزيز فعالية الرقابة القضائية الإدارية في المغرب، يتعين اتخاذ إجراءات متعددة. أولاً، يجب تبسيط إجراءات التقاضي وتخفيض تكاليفها، وتوفير المساعدة القانونية للفئات المحتاجة. ثانياً، ينبغي تعزيز استقلالية القضاء الإداري وتوفير الضمانات اللازمة لحمايته من أي تدخل أو ضغوط. ثالثاً، يجب تفعيل القانون رقم 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات، وتوعية المواطنين بحقوقهم في هذا المجال، وتسهيل حصولهم على المعلومات المطلوبة. رابعاً، يجب وضع آليات فعالة لمكافحة الفساد في الصفقات العمومية، وتعزيز الشفافية والرقابة على هذه الصفقات. خامساً، ينبغي تعزيز دور المجتمع المدني في مراقبة عمل الإدارة والمساهمة في تعزيز الرقابة القضائية الإدارية.
إن تعزيز الرقابة القضائية الإدارية في المغرب ليس مجرد هدف قانوني، بل هو ضرورة حتمية لترسيخ دولة القانون وحماية حقوق الأفراد. من خلال اتخاذ الإجراءات اللازمة لتبسيط إجراءات التقاضي، وتعزيز استقلالية القضاء، وتفعيل الحق في الحصول على المعلومات، ومكافحة الفساد، وتعزيز دور المجتمع المدني، يمكن للمغرب أن يحقق قفزة نوعية في مجال حماية حقوق الأفراد وضمان خضوع الإدارة للقانون.