بقلم: الأستاد محمد عيدني
تعتبر مدينة سلا من أبرز المدن التاريخية والحضارية بالمغرب، غير أن الواقع الحالي يفرض على المعنيين والمسؤولين وضع آفاق استراتيجية عاجلة لمعالجة التحديات التي تعيق تطورها وتحولها إلى نموذج للتمدن والنظافة. فبين الحفر المنتشرة على الطرقات، والأزبال التي تعم العديد من المناطق، والفوضى التي تسود بعض الأحياء، تتسارع وتيرة تدهور البيئة الحضرية، مما يهدد جودة حياة السكان ويخفض من مستوى الأمان والصحة العامة.
البنية التحتية والمعاناة اليومية:
السكان يعبرون عن استيائهم من الحفر العميقة التي تتسبب في إعاقة حركة السير وتُشكل تهديدًا حقيقيًا للمارة، خاصة في غياب الصيانة الدورية للطرقات. إلى جانب ذلك، تودع الأزبال بشكل عشوائي في فضاءات عامة وأزقة ضيقة، ما يزيد من انتشار الأوبئة والحشرات، ويُضفي على المدينة منظراً غير حضاري. إن تراكم الأزبال وغياب برامج منتظمة للتنظيف يعكس إهمالًا واضحًا من المقاولات المعنية أو من المصالح البلدية المختصة.
الازدحام بظاهرة دراجات النارية والمتسولين:
أصبحت موصلات سلا مسرحًا لانتشار الدراجات النارية بشكل كبير، مما يتحول عند بعض السائقين إلى سلوكيات قانونية خطيرة، خاصة مع الازدحام المروري والتجاوزات المفرطة. من جهة أخرى، تزداد الظاهرة السلبية للمتسولين، الذين يتواجدون بشكل مكثف عند أبواب المؤسسات العامة وإشارات المرور، مما يحول بعض الأحياء إلى فضاءات غير آمنة، ويشعر السكان بعدم الأمان.
ظاهرة الباعة المتجولين والفوضى العامة:
تشهد سلا تصاعدًا في عدد الباعة المتجولين الذين يشغلون الأرصفة وشوارع المدينة، الأمر الذي يعيق حركة السير ويخلق مشاهد فوضوية. هؤلاء الباعة، رغم الحاجة الاقتصادية، يضطرون للعمل في وضعية غير قانونية، ما ينقص من جمالية المدينة ويشوه صورتها الحضارية. وأمام هذا الواقع، غابت العديد من المبادرات الواضحة من قبل المسؤولين لإعادة تنظيم الأسواق وتحسين الوضع المعيشي للسكان.
الانتخابات وتسيير المشاريع:
يُلاحظ الجميع تقصيرًا واضحًا من قبل المرشحين والفاعلين السياسيين فيما يخص مشاريع التنمية أو تحسين الظروف المعيشية، حيث يركز البعض على الترويج لنجاحهم في الحملات الانتخابية بدلاً من تقديم حلول واقعية لتحديات المدينة. هذا التقاعس يساهم في استمرار الأوضاع الكارثية والتدهور الذي يطال جودة الحياة اليومية للمواطنين.
بات من الضروري أن يُحاسب المسؤولون ويُطالبوا ببرامج واضحة للتنمية المستدامة، تتضمن إصلاحات فورية للبنية التحتية، وتنظيم القطاع غير الرسمي، وتفعيل حملات التوعية والنظافة. إذ لا يمكن للمدينة أن تستمر في الوضع الذي أضحى لا يطاق، ويجب أن تتغير الصورة من مدينة مغبونة بمشاكلها إلى نموذج حضري يليق بتاريخها وشعبها.