اعتبر نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال ووزير التجهيز والماء، أن الثقة بين الشباب والمؤسسات الرسمية في المغرب تعرف أزمة متصاعدة، مؤكداً أن “الإحساس بانسداد الآفاق وفقدان الأمل في المستقبل واقع لا يمكن إنكاره”، في تصريح يعكس وعيه بحساسية المرحلة الاجتماعية والسياسية التي يمر بها المغرب.
جاء ذلك خلال لقاء تواصلي نظمه الحزب يوم السبت 4 أكتوبر 2025 بمقره في الرباط، حيث حذّر بركة من استغلال هذا الإحباط من قبل بعض الجهات لترويج مغالطات تهدف إلى “إلغاء المؤسسات التمثيلية والعودة إلى نقطة الصفر”، في إشارة واضحة إلى خطاب يرفض المشاركة السياسية التقليدية ويشجع على الانسحاب من المشهد المؤسساتي.
وأبرز الوزير أن أداء الحكومة لم يرقَ إلى مستوى تطلعات الشباب، خاصة في مجالي التعليم والصحة، مشيراً إلى أن حزب الاستقلال كان قد حذّر منذ البداية من صعوبة تحقيق وعود التشغيل، ولا سيما الوعد المعلن بخلق مليون منصب شغل خلال الولاية الحكومية الحالية. وأضاف أن الشباب اليوم “لا يبحث فقط عن فرص العمل، بل عن إيمان حقيقي من الدولة بقدراته وإرادته في التغيير”.
وفي قراءة عميقة لأبعاد الأزمة، أكّد بركة أن فقدان الثقة ليس اقتصادياً فقط، بل قيمياً بالدرجة الأولى، داعياً إلى ترسيخ “ثقافة الجدية والمسؤولية والاستحقاق وربط المسؤولية بالمحاسبة”، ومشيراً إلى استعداده لتقديم حصيلة وزارته ومساءلة أدائه الشخصي، في رسالة غير مباشرة إلى غياب روح المحاسبة في بعض القطاعات الحكومية.
كما تطرق بركة إلى حجم المجهود المالي المبذول من طرف الحكومة، حيث بلغت الاعتمادات المخصصة سنوياً لقطاعي الصحة والتعليم 110 مليارات درهم، و100 مليار لتحسين الدخل، و12 مليار درهم لصندوق المقاصة، متسائلاً: “هل يشعر المواطن فعلاً بوقع هذه الأرقام في حياته اليومية؟”.
وأشار الوزير إلى أن المسؤولية اليوم تقع أولاً على الحكومة لاستعادة ثقة المواطنين، خاصة الشباب، الذين بدأوا يشعرون بأن السياسة لم تعد تعبّر عن مصالحهم ولا تحاكي تطلعاتهم. وأضاف: “النقاش حول المستقبل لا يمكن أن يتم من داخل الغرف المغلقة، بل عبر انفتاح حقيقي على صوت الشباب”.
واختتم الأمين العام لحزب الاستقلال مداخلته بالتأكيد على موقف حزبه من الأغلبية الحكومية، مشدداً على أن الحزب “لن يتخلى عن موقعه داخل الأغلبية، لكنه في المقابل لن يصمت أمام الاختلالات”، في إشارة واضحة إلى حرص الحزب على التوازن بين الالتزام الحكومي والنقد البنّاء، والحفاظ على دوره كفاعل سياسي مسؤول في المشهد الوطني.