أكملت اللجنة المؤقتة المكلفة بتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر، المحدثة بموجب قانون رقم 15.24، فترة انتدابها المحددة لسنتين في بداية شهر أكتوبر 2025. وبموجب القانون ذاته، لم يتم تجديد تركيبته إلا بعد انتهاء فترة اللجنة، ما أدى إلى حدوث فراغ قانوني شامل في القطاع، دون أن تتخذ الحكومة أو الوزير الوصي أي خطوات فعالة لمعالجة هذه الأزمة.
وذكرت الهيئات النقابية والمهنية الرافضة لمشروع إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة في بيان مشترك، أنها تعتبر هذا الفراغ القانوني بمثابة استمرار للمأزق الذي يعاني منه القطاع منذ نهاية ولاية المجلس القانونية في 2022، إذ تم التمديد له لمدة ستة أشهر لإجراء انتخابات لتجديد هياكله، لكن دون جدوى.
ورغم المراسلات العديدة من الهيئات المهنية التي نبهت إلى خطورة هذا الفراغ، أضافت الهيئات أن فترة السنتين التي منحت للجنة المؤقتة لم تسفر عن أي تقدم يذكر، بل على العكس، زادت من تعقيد الوضع وأثرت سلبًا على القطاع، حيث شهدت تصرفات استبدادية وارتفاعًا في منسوب التوتر. كما تم توثيق عدد من “المجازر” الإدارية التي شوهت صورة المجلس.
وبحسب الهيئات النقابية، فإن الحكومة ووزارة التواصل لم تلتزم بمقاربة تشاركية حقيقية مع المهنيين، بل تولت صياغة مشروع قانون جديد بشكل أحادي ودون أي حوار جاد. هذا المشروع، الذي قدمته الحكومة لإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، قوبل برفض واسع من قبل أغلب الهيئات المهنية والنقابية، فضلاً عن انتقاده من قبل مؤسسات دستورية وحقوقية عديدة.
وفي ضوء هذه المعطيات، حملت الهيئات الحكومية المسؤولية كاملة عن الفراغ الذي يشهده القطاع، معتبرة أن اللجنة المؤقتة، منذ بداية أكتوبر 2025، أصبحت غير قانونية وغير شرعية. كما دعت الحكومة إلى تحمل مسؤولياتها في تدبير شؤون القطاع بشكل قانوني وإداري، وشددت على رفضها القاطع لأي مؤسسة غير حكومية تدير القطاع.
وأكدت الهيئات على ضرورة تدخل المسؤولين بشكل عاجل لإنهاء حالة الاستثناء، ووقف أي محاولات للتحكم والهيمنة على القطاع بما يخدم مصالح لوبيات الاحتكار والريع. كما دعت إلى فتح حوار قطاعي جاد مع الممثلين الحقيقيين للمهنة من أجل إيجاد توافق وطني للخروج من هذا المأزق.
وأبرز البيان أهمية التزام الحكومة بقوانين البلاد واحترام الدستور، مطالبًا بتعزيز مصداقية الصحافة وتقوية مهنيتها وأخلاقياتها. كما حذر من مخاطر الانقسام داخل الجسم الصحافي، ودعا إلى توحيد الجهود لخدمة الصالح العام، بدلاً من الانشغال بحسابات ضيقة تهدد مستقبل القطاع.
تختتم الهيئات بيانها بالدعوة إلى تسريع مسار إصلاح حقيقي يعيد للقطاع استقراره، خاصة في ظل اقتراب موعد تجديد البطاقات المهنية للصحافيين، وهو ما يتطلب معالجة عاجلة وفعالة للأزمة التي يعاني منها القطاع.