تكمل الحرب على غزة اليوم السابع من أكتوبر عامها الثاني كإحدى أكثر الصراعات دموية في القرن الحادي والعشرين، بينما لا تزال هذه الحرب على قطاع غزة تفرض أسئلة مصيرية حول طبيعة الدور الأمريكي وثمنه، وتُبرز حقيقة صارخة: الولايات المتحدة لم تكن مجرد داعم سياسي في خلفية المشهد، بل كانت الشريك الأبرز عبر حزمة دعم مالي وعسكري هائل كسرت كل الموازين.
على مدار العامين الماضيين، تحولت المساعدات الأمريكية إلى شريان حياة للعملية العسكرية الإسرائيلية. وفقاً للبيانات الرسمية وتحليلات مراكز الأبحاث، قامت إدارة الرئيس “جو بايدن”، بالتعاون مع الكونغرس، بتفويض وتنفيذ حزم مساعدات متتالية تجاوزت قيمتها الإجمالية العشرات من المليارات من الدولارات.
الصفقات العسكرية الطارئة: تسليح الجيش الإسرائيلي بأحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا الحربية، من ذخائر موجهة بدقة إلى قنابل ذاتية التوجيه وأنظمة الدفاع الجوي، مما ضمن تفوقاً ساحقاً في ساحة المعركة.
الدعم المالي المباشر: مساعدات مالية ضخمة تم تحويلها مباشرة إلى الخزينة الإسرائيلية، ساهمت في تغطية التكاليف الباهظة للحرب ودعم الاقتصاد الإسرائيلي في مواجهة الضغوط.
الدعم الدبلوماسي والسياسي: استخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن أكثر من مرة لعرقلت صدور قرارات دولية تدعو لوقف فوري لإطلاق النار، في خطوة رأها مراقبون كـ “إذن بالاستمرار” تحت الحماية الدولية.
يعتبر هذا الدعم الاستثنائي امتداداً لعلاقة استراتيجية متجذرة تمتد لعقود، تُعرف إسرائيل في إطارها بأنها “الحليف الاستراتيجي الأهم” للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط. بالنسبة “لواشنطن”، فإن أمن إسرائيل هو ركيزة أساسية في سياساتها بالمنطقة، مما يدفعها لتقديم هذا الدعم غير المشروط تقريباً، بغض النظر عن الحزب الحاكم في البيت الأبيض أو في “الكونغرس الأمريكي”.
بينما تُضخ المليارات في ميزانيات “تل أبيب” العسكرية، يدفع المدنيون في غزة الثمن الأكبر من دمائهم ودمار مدنهم بالكامل. المقارنة هنا تصبح قاسية: أرقام الدعم المالي الأمريكي الضخمة تقف على النقيض تماماً من الأزمات الإنسانية المروعة التي يعيشها سكان القطاع تحت الحصار والقتل.
بعد عامين، لم تعد الحرب على غزة مجرد صراع محلي، بل تحولت إلى اختبار حقيقي للضمير الدولي وموازين القوى العالمية. الفاتورة الأمريكية، بكل تفاصيلها المالية والعسكرية، تثبت أن “واشنطن” ليست طرفاً محايداً، بل هي شريك كامل في كل تداعيات هذه الحرب واستمرارها. ومع إحياء الذكرى الثانية على “انتفاضة السابع من أكتوبر”، يبقى السؤال الأخلاقي والسياسي معلقا: إلى متى ستستمر هذه الفاتورة الدامية، وإلى أي مدى سيمتد السخاء الأمريكي مع إسرائيل؟