في خطوة غير مسبوقة، كشفت الأمم المتحدة عن خطة طارئة لخفض عدد قوات حفظ السلام المنتشرة حول العالم بنسبة 25%، نتيجة أزمة مالية خانقة تعصف بميزانيتها، بعد تقليص الولايات المتحدة لمساهماتها المالية بشكل كبير.
اقتطاعات أمريكية تشعل الأزمة
أكد مسؤول رفيع في المنظمة الأممية، يوم الأربعاء 08 أكتوبر 2025، أن النقص الحاد في التمويل فرض على الأمم المتحدة اتخاذ هذا القرار الصعب، موضحًا أن “الوضع المالي لم يترك لنا خياراً آخر سوى إعادة عدد من القوات إلى بلدانها الأصلية، وتقليص عدد العسكريين والشرطيين والمعدات الميدانية بنحو الربع”.
وتُعد الولايات المتحدة أكبر مساهم تاريخي في ميزانية عمليات حفظ السلام، إلا أن قرارات إدارة الرئيس الأمريكي الحالي “دونالد ترامب” بتقليص المساهمات ووقف بعض الدفعات الإلزامية، خلقت فجوة مالية كبيرة تهدد استمرارية عدة بعثات أممية.
تداعيات خطيرة على المدنيين
المسؤول الأممي حذر من أن قرار التخفيض لن يقتصر على القوات الميدانية فقط، بل سيشمل أيضًا العديد من الموظفين المدنيين في البعثات الأممية، مما سيؤثر مباشرة على قدرة المنظمة في حماية ملايين المدنيين في مناطق النزاع، خصوصاً في إفريقيا والشرق الأوسط.
وقال المصدر ذاته إن “العواقب ستكون وخيمة على المجتمعات المحلية التي تعتمد على قوات حفظ السلام لتوفير الأمن والمساعدة الإنسانية”، مشيرًا إلى أن بعض المناطق “قد تشهد فراغًا أمنيًا خطيرًا إذا لم يتم تعويض هذا النقص بسرعة”.
عمليات حفظ السلام أمام مفترق طرق
تنتشر حاليًا قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في أكثر من 12 منطقة نزاع حول العالم، من بينها الكونغو الديمقراطية ومالي وجنوب السودان ولبنان، حيث تلعب دوراً محورياً في حماية المدنيين ودعم الاستقرار السياسي.
ويرى خبراء أن هذا التقليص قد يعيد إشعال التوترات في بعض المناطق الهشة، ما لم تُطرح حلول تمويلية عاجلة أو يتم التوصل إلى شراكات دولية جديدة لتقاسم الأعباء.
دعوات لإصلاح نظام التمويل
وفي ظل هذه التطورات، تتعالى الأصوات داخل المنظمة وخارجها للمطالبة بإعادة النظر في آليات تمويل بعثات حفظ السلام، عبر تنويع مصادر الدعم المالي، وتقليص الاعتماد المفرط على الولايات المتحدة.
ويرى مراقبون أن الأزمة الحالية تمثل اختبارًا حقيقيًا لمدى قدرة الأمم المتحدة على الحفاظ على دورها كضامن للأمن والسلم الدوليين، في وقت تتزايد وتتأجج فيه بؤر التوتر والصراعات عبر العالم.