أصدرت الحكومة الإثيوبية بيانًا رسميًا ردت فيه على التصريحات الأخيرة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بشأن سد النهضة، مؤكدة تمسكها بحقها السيادي في استغلال مواردها المائية بما يحقق التنمية لشعبها، وداعية في الوقت ذاته إلى الحوار والتعاون بين دول حوض النيل.
وجاء في البيان أن إثيوبيا تتابع باهتمام بالغ التصريحات التي ألقاها الرئيس المصري خلال الجلسة الافتتاحية لأسبوع القاهرة للمياه، والتي تطرقت إلى قضية سد النهضة ومياه النيل، مشددة على أن نهر النيل ينبع من أراضيها، وأن لها، وفقًا للقانون الدولي ومبدأ السيادة الدائمة على الموارد الطبيعية، الحق المشروع وغير القابل للمصادرة في الاستفادة من مواردها المائية.
وأضاف البيان أن هذا الاستخدام يهدف إلى تحقيق التنمية لشعبها من دون إلحاق أي ضرر ملموس بدول الجوار.
وأشار البيان إلى أن الشعب الإثيوبي عانى لأكثر من قرن من الزمن من استغلال موارده المائية دون أن ينال نصيبه العادل منها، رافضًا الاتفاقيات التي أبرمت خلال الحقبة الاستعمارية والتي وصفها بأنها غير ملزمة قانونيًا أو سياسيًا لإثيوبيا، لأنها لم تكن طرفًا فيها.
وردًا على تصريحات الرئيس السيسي التي تحدث فيها عن “الإجراءات الأحادية”، أكدت الحكومة الإثيوبية رفضها القاطع لهذه الاتهامات، مبرزة أنها أدارت مشروع سد النهضة بشفافية تامة، وقدمت بيانات فنية دورية حول مراحل الملء والتشغيل إلى كل من السودان ومصر، سواء عبر آليات الاتحاد الإفريقي أو من خلال القنوات الدبلوماسية المباشرة. واعتبرت أن الحديث عن عدم التنسيق أو الإضرار المتعمد يمثل تجاهلًا متعمدًا للحوار الفني المتواصل، الذي واجه عراقيل سياسية عطلت التوصل إلى اتفاق شامل.
وشددت إثيوبيا في بيانها على أن نهر النيل ليس ملكًا لدولة واحدة، بل هو مورد مشترك يجب أن يكون مصدرًا للتعاون لا التهديد، مؤكدة استعدادها للانخراط في مفاوضات “جادة ومسؤولة” مع مصر والسودان بهدف تعزيز التعاون وبناء الثقة، شريطة أن تُجرى هذه المفاوضات من دون شروط مسبقة.
كما دعت إلى أن يستند أي حوار مرتقب إلى مبادئ الاستخدام المنصف والمعقول للمياه، محذرة من الخطابات التي تسعى إلى تصوير التنمية الإثيوبية كخطر على الآخرين. وأوضحت أن سد النهضة لا يقلل من حصة أي دولة من المياه، بل يساهم، على العكس، في تنظيم تدفق النهر وتقليل الفيضانات وتحسين إدارة الموارد المائية في المنطقة.
وأكد البيان أن القضايا المرتبطة بالأنهار العابرة للحدود في إفريقيا ينبغي أن تُحل في إطار التعاون الإقليمي والقاري، معربة عن ثقتها في قدرة الاتحاد الإفريقي على مواصلة دوره القيادي في تسهيل الحوار بين الأطراف، ورفضها لأي محاولات لتدويل الخلافات.
وفي معرض دفاعها عن المشروع، شددت الحكومة الإثيوبية على أن سد النهضة مشروع تنموي سلمي يهدف إلى توليد الطاقة الكهربائية لتلبية احتياجات أكثر من 65 مليون مواطن لا تتوفر لهم الكهرباء حتى اليوم، معتبرة أنه يمثل حقًا أساسيًا في التنمية والكرامة الإنسانية.
واختتمت إثيوبيا بيانها بدعوة مصر والسودان إلى التعامل مع ملف النيل بعقلية القرن الحادي والعشرين، بعيدة عن منطق الهيمنة التاريخية، مؤكدة أن مستقبل إفريقيا المائي لن يُبنى على الصراع والمواجهة، بل على التعاون والعدالة والتنمية المشتركة.
