أثار الاتفاق الدفاعي الأخير بين الجزائر وتونس جدلاً واسعاً داخل الأوساط السياسية والإعلامية في تونس، حيث اعتبره عدد من المتابعين تحولاً لافتاً يتجاوز التعاون العسكري التقليدي، نحو علاقة غير متكافئة قد تكرّس تبعية القرار السيادي التونسي للجارة الجزائر.
ويأتي هذا الجدل في سياق حساس يتسم بتنامي الاعتماد التونسي على الدعم الطاقي الجزائري، ما دفع بعض المراقبين إلى وصف الاتفاق بأنه تتويج لمسار طويل من توسع النفوذ الجزائري في تونس، خصوصاً في ظل ما يعتبره البعض تراجعاً للاستقلالية السياسية والأمنية في عهد الرئيس قيس سعيّد.
وتعزز الفجوة الكبيرة في القدرات العسكرية بين البلدين المخاوف المطروحة، إذ تشير بيانات متطابقة إلى أن ميزانية الدفاع الجزائرية تبلغ حوالي 25 مليار دولار، فيما لا تتعدى نظيرتها التونسية 1.4 مليار دولار.
هذا التفاوت الصارخ يدفع كثيرين إلى التشكيك في طبيعة الشراكة الدفاعية، ويرجحون أن يكون الجيش التونسي في وضعية تبعية عملية أكثر منها مشاركة فعلية في أي قرارات دفاعية استراتيجية.
ورغم إصدار وزارة الدفاع التونسية لبيان رسمي أكدت فيه أن الاتفاق “استراتيجي وشامل” ويأتي في سياق التعاون الثنائي الذي انطلق منذ سنة 2001، إلا أن هذا التوضيح لم يكن كافياً لتهدئة الجدل، فقد اعتبره عدد من المحللين مجرّد غطاء دبلوماسي لاتفاق يخفي وراءه اتساعاً مستمراً لدور الجزائر في توجيه بوصلة القرار التونسي، سواء على المستوى الأمني أو السياسي.
ويحذر مراقبون من أن مثل هذه الاتفاقيات، في غياب توازن فعلي بين الطرفين، قد تنعكس سلباً على السيادة الوطنية، وتحوّل تونس إلى فضاء نفوذ جزائري في المنطقة، خاصة في ظل غياب شفافية كافية حول مضامين الاتفاق ومجالات تنفيذه.
ويظل الاتفاق موضوع نقاش حاد في الساحة التونسية، في انتظار مواقف أو توضيحات إضافية قد تسهم في كشف المزيد من تفاصيله وتقييم تداعياته الفعلية على الأمن القومي التونسي.