أصدرت محكمة الاستئناف بأكادير، يوم الإثنين 13 أكتوبر 2025، حكمها في القضية التي يتابع فيها الأستاذ الجامعي أحمد قليش، وقضت بإدانته بالسجن النافذ والغرامة المالية، بعد أن كانت المحكمة الابتدائية قد برأته من التهم المنسوبة إليه في المرحلة الأولى.
وجاء في منطوق الحكم أن الهيئة القضائية قررت إلغاء الحكم الابتدائي القاضي ببراءة المتهم، وحكمت عليه بالسجن ستة أشهر حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها عشرة آلاف درهم، مع إلزامه بأداء تعويض مدني قدره عشرة آلاف درهم لفائدة المطالبة بالحق المدني “خ.م”، وذلك على خلفية إدانته بتهمة القذف والتشهير في حق سيدة بسبب جنسها.
وتمت متابعة الأستاذ قليش من أجل جنح تتعلق بتوزيع معلومات صادرة بشكل خاص وسري دون موافقة أصحابها، وتوزيع ادعاءات ضد أشخاص بقصد التشهير بهم، وهي الأفعال التي يعاقب عليها القانون بموجب الفصلين 447-1 و447-2 من القانون الجنائي المغربي، اللذين يجرّمان نشر أو توزيع معطيات خاصة تمس بالحياة الشخصية للغير أو تسعى إلى التشهير بهم عبر الوسائط الإلكترونية.
وكانت المحكمة الابتدائية بأكادير قد أصدرت، في شهر يوليوز الماضي، حكمًا يقضي ببراءة قليش من التهم المتعلقة بالتهديد وإهانة موظفين عموميين بأقوال أو إشارات أو تهديدات أثناء أداء مهامهم، لكنها ألزمته آنذاك بأداء غرامة مالية قدرها خمسون ألف درهم، مع تعويض رمزي قدره درهم واحد لفائدة المطالبة بالحق المدني.
إلا أن النيابة العامة استأنفت الحكم، لتعود القضية من جديد أمام أنظار محكمة الاستئناف التي قررت تشديد العقوبة في حقه.
ويُشار إلى أن الأستاذ أحمد قليش، الذي يُعد من أبرز الوجوه الجامعية المثيرة للجدل بالمغرب، يتابع أيضًا في قضية أخرى أكثر تعقيدًا تعرف إعلاميًا باسم “ملف بيع الشهادات الجامعية” بجامعة ابن زهر بأكادير.
ويتابع في هذا الملف في حالة اعتقال احتياطي، بعدما كشفت التحقيقات الأمنية والقضائية عن شبهات تتعلق بتلقي مبالغ مالية مقابل تمكين بعض الطلبة من الولوج إلى سلك الماستر والحصول على شواهد جامعية بطرق غير قانونية.
وكانت مصالح الأمن الوطني قد أوقفت المتهم في شهر ماي الماضي، بناءً على أمر صادر عن قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بمراكش، في إطار الأبحاث الجارية حول قضية فساد أكاديمي هزّت الرأي العام الوطني، وأثارت نقاشًا واسعًا حول نزاهة منظومة التعليم العالي بالمغرب وسبل ضبط آليات الولوج إلى الدراسات العليا.
وتأتي هذه التطورات القضائية في وقت لا يزال ملف “بيع الشهادات الجامعية” قيد التحقيق، حيث ينتظر أن تكشف الجلسات المقبلة عن تفاصيل جديدة حول تورط محتمل لأطراف أخرى في الشبكة، وسط دعوات أكاديمية وحقوقية بضرورة تطهير الوسط الجامعي من كل مظاهر الفساد واستغلال النفوذ.
وتجدر الإشارة إلى أن قضية الأستاذ قليش كانت قد أثارت جدلًا واسعًا في الأوساط الجامعية والإعلامية، بالنظر إلى حساسية موقعه الأكاديمي وخلفيات تصريحاته المثيرة للجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، قبل أن تتطور الأحداث إلى متابعات قضائية تتعلق بالقذف والتشهير واستغلال المنصب، ما جعل اسمه يتصدر النقاش العام حول أخلاقيات المهنة والشفافية داخل الجامعة المغربية.
وبينما تتواصل تداعيات الملف على المستويين القانوني والإعلامي، يؤكد مراقبون أن الحكم الصادر اليوم يمثل مرحلة جديدة في مسار قضية أثارت الكثير من الجدل، وقد يكون له تأثير مباشر على قضايا مشابهة تتعلق باستعمال الفضاء الرقمي في التشهير أو نشر المعطيات الخاصة دون إذن أصحابها، في ظل تزايد النقاش حول التوازن بين حرية التعبير والمسؤولية القانونية.
