تحولت جردة سعيد حجي بمدينة سلا، خلال الأشهر الأخيرة، إلى نقطة سوداء تقض مضجع الساكنة وتثير موجة استنكار واسعة بسبب ما تشهده من انحرافات سلوكية وممارسات مشبوهة جعلت المكان، الذي أُنشئ ليكون متنفسًا للعائلات، فضاءً يثير الخوف بدل الاطمئنان.
ففي ساعات النهار، تبدو الجردة مكانًا عاديًا يتجول فيه بعض السكان أو المارة، لكن ما إن يحلّ المساء حتى تتحول المنطقة إلى فضاء مفتوح لتجمّع عدد من المنحرفين وتجار الأقراص المهلوسة الذين يتخذون من المكان مسرحًا لترويج المخدرات وتنظيم جلسات خمر تمتد حتى ساعات متأخرة من الليل.
ويؤكد عدد من سكان الأحياء المجاورة، خصوصًا القاطنين بالقرب من صيدلية الطاهري، أن الوضع بلغ مستويات غير مسبوقة من الفوضى والانفلات الأخلاقي، إذ تُسمع ليلاً أصوات صراخ ومشادّات بين مجموعات من الشباب الذين يتعاطون الكحول والمخدرات، فيما تشهد المنطقة أحيانًا اعتداءات على المارة، خاصة الفتيات اللواتي يجدن أنفسهن عرضة للتحرش اللفظي والجسدي.
أحد السكان، في تصريح للجريدة، عبّر عن استيائه العميق قائلاً:
“لم نعد ننام مطمئنين. كل ليلة نسمع ضجيج الدراجات النارية وصراخ الشبان. أطفالنا لم يعودوا يجرؤون على اللعب قرب الجردة، والمكان أصبح خطرًا حتى في وضح النهار”.
كما أضافت سيدة من نفس الحي:
“نطالب السلطات بتكثيف الحملات الأمنية وتمشيط المنطقة، فالوضع لم يعد يُطاق، ونخشى أن تتطور الأمور إلى ما لا يُحمد عقباه”.
ويجمع سكان المنطقة على أن الغياب شبه التام للدوريات الأمنية شجّع بعض المنحرفين على التمادي في سلوكياتهم، محذرين من أن استمرار هذا الوضع قد يحوّل الجردة إلى بؤرة إجرامية دائمة تهدد السلم المحلي وتؤثر على صورة المدينة بأكملها.
كما دعا عدد من الفاعلين الجمعويين بسلا إلى إعادة تأهيل المنتزه عبر إنارته بشكل كافٍ، وتوفير حراسة مستمرة، وإشراك المجتمع المدني في حملات تحسيسية تستهدف الشباب من أجل استرجاع الفضاء لسكّانه الحقيقيين.
ويبقى السؤال المطروح بإلحاح:
هل تتحرك السلطات الأمنية والجماعية لوضع حدّ لهذا الواقع المقلق؟
أم أن جردة سعيد حجي ستظل رهينة الفوضى والانفلات حتى إشعار آخر؟.