رغم الوعود الكبيرة التي صاحبت إطلاق مشروع “مدارس الريادة” الرامي إلى تجويد التعليم الابتدائي وتوفير بيئة تعليمية محفزة، يواجه عدد من هذه المؤسسات بإقليم الجديدة انتقادات متزايدة بسبب نقص واضح في التجهيزات الأساسية، وعلى رأسها غياب الخزانات داخل بعض الأقسام الدراسية.
وقد أثار هذا المعطى موجة من الاستغراب والتساؤل في صفوف الأطر التربوية والفاعلين في القطاع، الذين اعتبروا أن غياب خزانات مخصصة لحفظ الوسائل التعليمية في بعض الأقسام يُعد خللًا في تنزيل المشروع وخرقا لفلسفة المساواة في شروط العمل والتحصيل.
وبحسب مصادر تربوية، فإن عددا من حجرات الدراسة المندرجة في إطار مشروع “مدارس الريادة” تم تجهيزها بخزانات مناسبة تتيح للأساتذة تنظيم الوسائل التعليمية، من لوحات وكتب وعتاد ديداكتيكي، في حين تم تشييد أقسام أخرى بدون هذا العنصر الضروري، رغم انتمائها لنفس البرنامج الوطني.
هذا التفاوت الواضح دفع بعدد من الأساتذة إلى التعبير عن معاناتهم اليومية في تنظيم الحصص الدراسية، مشيرين إلى أن غياب أماكن لتخزين الوسائل التعليمية يُعرضها للضياع أو التلف، ما يُعيق تنفيذ الأنشطة البيداغوجية ويؤثر بشكل مباشر على جودة التعلمات.
ويُطرح سؤال عريض اليوم حول المعايير المعتمدة في تجهيز حجرات مدارس الريادة، ومدى التزام الجهات المسؤولة بتطبيق دفتر تحملات موحد يضمن العدالة في توفير الشروط اللوجستيكية والبيداغوجية بين مختلف المؤسسات.
ويرى مهتمون بالشأن التربوي المحلي أن “الريادة”، باعتبارها مشروعا يطمح إلى تكافؤ الفرص وجودة التعليم العمومي، لا يمكن أن تتحقق في ظل تفاوت واضح في تجهيز البنيات المدرسية، حيث تتحول بعض المؤسسات إلى نماذج يحتذى بها، فيما تعاني أخرى من أعطاب بنيوية منذ افتتاحها.
من جهتهم، دعا أساتذة ونقابيون إلى فتح تحقيق شفاف لتحديد المسؤوليات عن هذا الخلل، متسائلين كيف يُعقل أن تُبنى أقسام دراسية ضمن نفس البرنامج دون توحيد في التجهيزات، خصوصا وأن الأمر يتعلق بمكون أساسي في سيرورة العمل التربوي.
كما طالبوا المديرية الإقليمية للتعليم بالجديدة بالتدخل العاجل لتصحيح الوضع، وتجهيز الأقسام الناقصة بالخزانات اللازمة، ضمانا لمبدأ تكافؤ الفرص بين التلاميذ، وظروف عمل متساوية للأطر التربوية.
ومع تزايد الأصوات المنتقدة، يبقى السؤال مطروحا بإلحاح هل فعلا تُطبق معايير موحدة في بناء وتجهيز مدارس الريادة بإقليم الجديدة، أم أن “الريادة” لا تزال شعارا ينتظر أن يترجم إلى واقع ملموس في جميع المؤسسات؟
في انتظار أجوبة رسمية وقرارات عملية، يبقى الأمل معقودا على إرادة حقيقية لتصحيح الاختلالات وتحقيق العدالة التربوية في مشروع يُفترض أن يكون نموذجيا في مضمونه وتنزيله.