كشفت أرقام صادرة عن المندوبية السامية للتخطيط عن تحولات مهمة في قطاع السكن بالمغرب خلال العقدين الأخيرين، حيث تراجع معدل تملك الأسر لمنازلها من 74.4% سنة 2001 إلى 69.4% سنة 2024. ويعكس هذا الانخفاض صعوبة متزايدة أمام المواطنين للوصول إلى ملكية العقار، في ظل ارتفاع أسعار المنازل وتكاليف البناء، ما يضع ضغوطاً كبيرة على الطبقة المتوسطة.
في المقابل، ارتفعت نسبة الأسر التي تكتري مساكنها من 15.6% سنة 2017 إلى 19.7% سنة 2024، وهو ما يعني أن نحو خمس الأسر المغربية باتت تعتمد على الإيجار لتوفير مسكنها. ويشير هذا التحول إلى ضغوط اقتصادية متنامية، خصوصاً في المدن الكبرى، حيث تتفاقم أزمة السكن نتيجة ارتفاع الأسعار، وصعوبة الحصول على القروض العقارية، والارتفاع المستمر لتكاليف المعيشة.
ويرى خبراء أن هذه الأرقام تعكس تحديات اجتماعية واضحة، إذ بات حلم التملك بعيد المنال لفئات واسعة من المجتمع المغربي، خصوصاً الشباب والطبقة المتوسطة. ومن بين أبرز التحديات التي تواجه الأسر، ارتفاع أسعار العقار، قيود القروض البنكية، وندرة المشاريع السكنية الميسرة.
مما يزكي أهمية وضرورة وضع سياسات سكنية متوازنة، تشجع على التملك وتحد من الاعتماد على الإيجار، مع دعم مشاريع السكن الميسر، وتحسين آليات التمويل العقاري لتصبح في متناول الأسر المتوسطة والدخل المحدود. كما يشدد الخبراء على أهمية مراعاة الفوارق الجهوية بين المدن الكبرى والمناطق الأقل تطوراً لضمان توزيع عادل لفرص التملك، وتوفير استقرار سكني يساهم في تعزيز الأمن الاجتماعي والاقتصادي للمواطنين.
هذا الواقع الجديد يفرض على السلطات المغربية التفكير بشكل عاجل في حلول مبتكرة، مثل تحفيز الاستثمار في الإسكان الميسر، وإعادة النظر في سياسات التمويل العقاري، لضمان قدرة الأسر على تملك مساكن مناسبة بأسعار معقولة، والحفاظ على توازن سوق العقار ومواجهة التحديات السكنية المتزايدة في المستقبل.