تعيش جماعة الحسيمة منذ أسابيع على وقع توتر سياسي خفي، بعد تسريب أربع مراسلات رسمية صادرة عن رئيس الجماعة، نجيب الوزاني، وموجهة إلى فريق العدالة والتنمية، تكشف عن صراع إداري وسياسي يتجاوز الشكل القانوني إلى عمق تدبير الشأن المحلي ومفهوم الرقابة والمحاسبة.
المراسلات، المؤرخة في 29 شتنبر 2025، تتعلق برد الرئيس على رفض إدراج أربع نقاط اقترحها الفريق المعارض ضمن جدول أعمال الدورة العادية الثالثة، مستندًا في ذلك إلى المادة 40 من القانون التنظيمي 113-14. وقد فُسر هذا الرفض من قبل بعض الفاعلين السياسيين والمراقبين المحليين بأنه “تسليح إداري” لاستعمال القانون كدرع سياسي يهدف إلى احتواء المعارضة ومنع النقاش حول ملفات حساسة، تتعلق بالأملاك الجماعية والصفقات العمومية، وتثير قضايا مالية وإدارية دقيقة في الجماعة.
الموقف أثار جدلاً واسعًا بين الفرقاء السياسيين المحليين، الذين اعتبر بعضهم أن استخدام المادة القانونية بهذه الطريقة يعكس توجهاً نحو تقييد حرية الرأي والمساءلة، بينما يرى آخرون أن الرئيس مارس حقه القانوني في تنظيم جدول الأعمال وفق القوانين المعمول بها. وفي المقابل، حاول فريق العدالة والتنمية التعبير عن استيائه من الطريقة التي تم بها التعامل مع مقترحاته، مؤكداً أن النقاش حول الملفات المهيكلة للجماعة لا يجب أن يكون رهناً بمواقف سياسية ضيقة، بل يجب أن يخضع للمساءلة والتداول الديمقراطي داخل المجلس.
وتأتي هذه الأزمة في وقت يراقب فيه الرأي العام المحلي تعامل الجماعة مع مشاريع التنمية والخدمات الأساسية، حيث أصبح الصراع السياسي داخل المجلس أكثر وضوحًا بعد انتشار المراسلات وتسريب محتواها، ما فتح النقاش حول مدى قدرة الأجهزة المحلية على الفصل بين القانون والسياسة، والكيفية التي يُستغل بها القانون التنظيمي في توجيه النقاش واحتواء المعارضة.
يبقى المشهد السياسي في الحسيمة محفوفًا بالتوتر، وسط متابعة المواطنين والمراقبين المحليين لتداعيات هذا الخلاف، الذي قد يؤثر على سير عمل الجماعة واتخاذ القرارات المتعلقة بمصالح الساكنة، ويضع الضوء على الحاجة إلى شفافية أكبر في إدارة الشأن المحلي، وضمان عدم استخدام القوانين كأدوات سياسية للضغط أو التحكيم على المعارضين داخل المجلس.