تعيش ساكنة جماعة أولاد عيسى بإقليم تارودانت حالة من القلق والاستياء بسبب أزمة صحية صامتة، ناجمة عن النقص الحاد في اللقاحات والأدوية الأساسية داخل المستوصف المحلي، ما تسبب في ارتباك كبير في الخدمات الصحية المقدمة للساكنة، خاصة للفئات الهشة من نساء وأطفال.
ووفقًا لمصادر محلية، فإن هذا النقص المزمن في الإمدادات الطبية ألقى بظلاله على الحياة اليومية للأسر، حيث تضطر العديد من النساء إلى قطع مسافات طويلة من دواوير نائية نحو المستوصف، حاملات أطفالهن الرضع على أمل تلقيهم التلقيحات الضرورية أو الحصول على بعض الأدوية الأساسية، إلا أن رحلتهن تنتهي غالبًا بخيبة أمل كبيرة، بعدما يسمعن من العاملين عبارة أصبحت مألوفة لديهم: “ما كاين جلبة، ما جابو لينا الدوا.”
وتؤكد شهادات من عين المكان أن عشرات النساء يتوافدن منذ ساعات الصباح الأولى إلى المستوصف المحلي، في طوابير طويلة، محملات بأطفال لا يتجاوز عمر بعضهم بضعة أشهر.
ورغم قدومهن المبكر لتفادي الازدحام وضمان الاستفادة من الخدمات، إلا أن الانتظار يمتد لساعات طويلة، قبل أن يُعلن عن غياب اللقاحات أو نفاد الأدوية من الصيدلية التابعة للمؤسسة الصحية.
هذا الوضع، الذي يتكرر منذ أشهر، أثار استياءً واسعًا في صفوف الساكنة المحلية، التي ترى أن ما يحدث يمس حقها الدستوري في الحصول على الرعاية الصحية. فالتلقيحات، كما يشدد عدد من المواطنين، ليست مجرد خدمة طبية عادية، بل خطوة أساسية في حماية الأطفال من أمراض خطيرة يمكن الوقاية منها بسهولة لو توفرت الإمكانيات الضرورية.
ويؤكد متتبعون للشأن الصحي بالإقليم أن الأزمة الحالية تعكس خللاً في تدبير الإمدادات اللوجستية وتوزيع الموارد الطبية على المراكز الصحية القروية، مشيرين إلى أن جماعة أولاد عيسى ليست الحالة الوحيدة التي تعاني من هذا النقص، بل هناك مراكز أخرى تواجه الإشكال نفسه بسبب تأخر التزويد المنتظم باللقاحات والأدوية الأساسية.
وفي ظل هذا الوضع المقلق، يطالب سكان الجماعة السلطات الصحية الإقليمية والجهوية بالتدخل العاجل لتدارك الخصاص وضمان استمرارية الخدمات الصحية في ظروف تحفظ كرامة المواطنين.
كما يدعو المرتفقون إلى تحسين قنوات التواصل بين المستوصف والساكنة، عبر إخبارهم مسبقًا بمواعيد توفر اللقاحات أو الأدوية، لتفادي مشقة التنقل غير المجدي وتكرار المعاناة.
ويشدد المواطنون على أن ضمان الحق في الدواء والتلقيح لا يجب أن يظل مطلبًا متكرراً أو شعارًا في الخطابات، بل التزامًا فعليًا من السلطات الصحية تجاه المواطنين، خصوصًا في المناطق القروية المعزولة التي تعاني أصلًا من ضعف البنية التحتية الطبية وقلة الموارد البشرية.
فالأدوية واللقاحات ليست ترفًا أو امتيازًا، بل حق إنساني أساسي يجب صونه وتوفير شروط استمراريته لجميع المواطنين دون استثناء.
